14 سبتمبر 2025 | 22 ربيع الأول 1447
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. عبد المحسن المطيري : لا تجزع ولا تنشغل بالدنيا، فالأرزاق مقسومة والآجال محسومة

11 يناير 2015

إن مما يشغل الناس في مجالسهم وأحاديثهم في هذه الأيام، ما تتعرض له أحوال الاقتصاد وأسعار البضائع والثروات النفطية من تذبذب وهبوط وارتفاع، وما تبع ذلك من حديث عن الرزق، وقلق حول الحاضر والمستقبل، حول هذا الموضوع يتحدث الدكتور عبد المحسن زبن المطيري – الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت وعضو رابطة علماء المسلمين – أنه من اليقين الذي ينبغي أن يرسخ في قلوب العباد ولا يهتز، أن الرزق مكتوب ومحفوظ منذ خلقهم في بطون أمهاتهم، ولا يزال الرزق حبل ممدود بين السماء والأرض ( وفِي السَمَاءِ رِزْقكُم ومَا تُوعَدُون ) الذاريات 22، هكذا كان إيمان صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، فلم تفتنهم الدنيا، ولم يلتفتوا لغير السعي نحو رضا الله،  فلِم يعيش بعض الناس اليوم في جزع وسخط؟ وخوف على المستقبل وتذمر ولغط؟ مع أن الآجال محسومة، والأرزاق مقسومة، لا يُزاد فيها ولا يُنقص، ولن يموت حيٌّ حتى يستكمل ما كُتِب له من رزق وعُمر، قال تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود 6، إن العبد إذا أيقن أن الأجل محدود، وأن الرزق مقدَّر، اطمأن قلبه، ولم يجزع من فقر أصابه، أو جائحة أتلفت ماله، ولن يُشغل نفسه بالدنيا عن الآخرة.

       يضيف الدكتور المطيري أن الله عز وجل هو المتصرف الأوحد في أرزاق العباد، وهذا أصل مهم من أصول الإيمان، فهو سبحانه يجعل من يشاء غنيا كثير الرزق، ويقدر على آخرين، وله سبحانه في ذلك حكمة،

(إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) الإسراء 30.

  ولنعلم أن من استعجل الرزق بالحرام، مُنِع الحلال، فأرزاق العباد على الله عز وجل، فلا رازق سواه، فلو سأله الخلق جميعا فأعطاهم، لم يُنقِص ذلك من مُلكه شيء، ولنعلم أن من أسباب دوام الرزق وبركته؛ تقوى الله جل وعلا ومخافته في السر والعلن، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) الأعراف 96، الحرص على الحلال وتحرِّيه، والإخلاص وتوخي الأمانة في أداء الأعمال، والابتعاد عن كل ما حرم الله تعالى من أعمال مشبوهة، وتعاملات محرمة، وتحايل وربا وما إلى ذلك من أمور نهى عنها الشرع.

    ومن أسباب الرخاء وسعة الرزق أيضا كما يقول الشيخ المطيري الكرم والجود ودوام الإنفاق في سبيل الله، فالمسلم الكريم يُحسِن الظن بربه لا يخشى الفاقة ولا يحبس الخير خشية الإملاق (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ39 .

   إن الله عز وجل يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فليس تضييق الرزق مهانة، ولا سِعته كرامة، إنما يبتلي ذلك ليشكر، ويبتلي ذاك ليصبر، وكم من فقير هو عند الله عزيز، إنما الكرامة بتقوى الله سبحانه ( إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ الله أتقاكُم ) الحجرات 13، ومادام العبد يصنع المعروف، ويطعم الجائع، ويُغيث الملهوف، ويُعين ذا الحاجة، فإن الله سبحانه وتعالى لن يُضيره، بل يتكفل الله بأن يُثيبه ويزيده من فضله، يقول جل وعلا (هلْ جَزَاء الإحْسَانِ إلّا الإِحْسَان) الرحمن60 ، وأعظم الإحسان هو إحسان ربنا تبارك وتعالى.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت